
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
.. وإلا فلا … فلا يجنون سوى الحسرة والعجز .. وتنتهي رواية العمر عندهم من غير أن يكتبوا منها حتى السطر الأول!
للوهلة الأولى يبدو الأمر طبيعي بل ومُرحب به، فلا شيء أفضل من أن يستثمر الإنسان في نفسه للوصول إلى مبتغاه. ولكن الشخص المثالي يضع الشخص أهدافًا عالية لتحقيق الأفضل في كل شي، سواء كان في العمل أو الرياضة أو العلاقات أو حتى في مهاراته الشخصية، ويبذل كل جهده للتفوق وتحقيق الكمال.
فالرغبةُ في التميُّز وأداء الأعمال على الوجه الأكمل - سواءٌ الأعمال الدينية والدنيوية - دليلٌ على عُلوِّ هِمَّتك، غيرَ أنَّ للإنسان طاقةً محدودةً، وقدرةً مُعيَّنةً على الأعمال، وعجزًا أيضًا، ومِن رحمة الله تعالى أنه لا يُكلِّفنا إلا ما في طاقتنا ووُسعِنا، ولو تأمَّلتَ بعضَ ما وَرَدَ في الشريعة السمحاء، لأدركتَ أنَّ الشارع الحكيم قد حثَّ على الاستقامة، وهي: السدادُ والغايةُ في التميُّز، ولكن جعَلها مرتبطةً بطاقة المكلَّف؛ بحيث لا يَغلو ولا يُقصِّر.
فلماذا إذاً لا تستبدل دافعك إلى الكمال بشيء أعمق وأكثر أهمية؟
استبدل الكمال بشيءٍ أكثر أهمية وقابليةٍ للإنجاز، وإليك هذا المثال الحي عن محادثة أجريتها مع أحد أصدقائي عن ابنتي، وهي لاعبة جمباز ناجحة تحب التنافس وكانت قد حصلت على جائزة مؤخراً.
شاركني أبي على مر السنين عبارات لا حصر لها من الحكمة؛ ومع ذلك، فإنَّ عبارة "ابذلي قصارى جهدك كل يوم" هي النصيحة التي أعتمد عليها كثيراً.
أنت جيد، وقد وُلِدت جيداً بما يكفي، وستكون جيداً دائماً؛ فأنت تستحق الحب والسعادة والنجاح، بغض النظر عن الأمور التي تقوم بها أو كم أنَّك مثالي؛ وقد لا يكون الأمر قابلاً للتصديق في الوقت الحالي، ولكنَّك تدرك في أعماقك أنَّ هذه هي الحقيقة.
"لا بأس إن كان بعض الأشخاص لا يحبونني، لا أحد يحبه الجميع"
من المهم جداً، أن نُثني على أنفسنا بمجرَّد بذل الجهد والمحاولة، ولا نضع النتيجة المثالية شرطاً حتمياً لنكون راضين عن أنفسنا.
الأمر الثاني: أن تقتحم مجالات الحياة والعمل، وأن تقبل بالأعمال النصف "مطبوخةً" وتبتعد عن الرغبة في أنك تريده عملاً كاملاً، نعم اقبل بأنصاف الحلول، فهذا أفضل من لا حل بالمطلق!
وقد للحصول على مزيد من المعلومات يتجنبون أيضاً البدء في أي مهمة لا يشعرون بالثقة نحو إنجازها، وقد يكون هذا غالباً لرغبتهم في إتمام المهام بشكل مثالي.
تذكَّر جيداً، أنَّنا لسنا بحاجة إلى شراء سرير ذي تصميم أنيق ومريح إلى درجة الكمال لكي ننام؛ بل نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على النوم في أيّ فراش، ولو كان مصنوعاً من المسامير.
الكمالية الموجهة نحو الذات، والموجهة نحو الآخر، والمحددة اجتماعيًا هم الأنواع الثلاثة. في حالة الكمالية ذاتية التوجيه، فأنت تضع معايير عالية جدًا لنفسك وتنتقد نفسك عندما لا تلبي تلك المعايير.